ستاد الإسكندرية تاريخ من اعرق ملاعب العالم  الرياضية ومن أقواس النصر الرومانية، ومن حماسة مشجعي الألعاب الرياضية في الملاعب الأوليمبية في أثينا، جاءت الفكرة، فاستوحى “فلاديمير نيكوزوف” المهندس المعماري الروسي، ذلك التصميم، والذي يُعد أحد أقدم الملاعب الأوليمبية في العالم، لتتزين به عروس البحر الأبيض المتوسط حتي اليوم.

منذ ما يقرب  من مائه عام مضت كان “ستاد الإسكندرية”، حلمًا طالما راود عقل الرياضي السكندري واليوناني الأصل “أنجلو بولاناكي”، والذي كان يرغب في إنشاء إستاد أوليمبي في مدينته العريقة، علي ان يُشابه تلك التي توجد في بلده اليونان، لذك كان لقاؤه بالبارون “دي كوبرتين”، رئيس اللجنة الدولية الأوليمبية في ذلك الوقت في باريس عام 1906، نقطة تحول كبيرة، فبدأ يروج للألعاب الأوليمبية في مصر، فأنشأ عدد من الملاعب الصغيرة في الإسكندرية، ونظم مسابقات رياضية في التنس والجمباز وكرة القدم وألعاب القوى في القاهرة والإسكندرية، وأسس الإتحاد القومي للرياضة عام 1908.

وفي عام 1909، توجه بولاناكي إلى رئيس بلدية المدينة، وطالبه بتخصيص قطعة أرض لإنشاء ملعب أوليمبي، ووقع اختياره على موقع متميز جنوب الشلالات، لقربه من الجمنازيوم البطلمي القديم، ولأنه يدرك جيدًا أن بلدية المدينة لن توافق علي ذلك، إلا إذا كان لها عائد مادي، فقدم مقترحًا بأن تتقدم مدينة الإسكندرية بطلب لإستضافة الألعاب الأوليمبية لعام 1916، وبالفعل رحب مجلس البلدية بهذا المقترح، وفي نفس الوقت طالب المواطنين بالتبرع لنقص الميزانية.

في عام 1910، أستطاع بولاناكي إنشاء اللجنة الأوليمبية المصرية برعاية الخديوي عباس حلمي الثاني، وبرئاسة الأمير “عمر طوسون” أحد أحفاد محمد علي باشا، أما بولاناكي فكان سكرتير اللجنة، ولرغبته في إنهاء الأمور بشكل أسرع، أقام دورة رياضية أوليمبية محلية بمنطقة الشاطبي عام 1914، واختتمها باحتفال رياضي رفع فيه العلم الأوليمبي، والذي صممه البارون “بيير دي كوبرتان” في باريس عام 1913، ليكون الإستاد السكندري صاحب شرف أول راية ترفع للألعاب الأوليمبية.

وعندما إندلعت الحرب العالمية الأولي تجمد نشاط بولاناكي، وبمجرد أن وضعت الحرب أوزارها، قام بتنظيم حدث رياضي ضخم في نادي سبورتنج بالإسكندرية، حضره السلطان فؤاد الأول، فعرض عليه فكرة الإستاد الأوليمبي، فرحب بها السلطان، وفتح باب التبرعات بمبلغ 3 آلاف جنيه، كما تبرع الأمير عمر طوسون بمبلغ ألفين جنيه، في حين تبرع بولاناكي بألف جنيه، وبذلك تشكلت أول لجنة للإشراف على تنفيذ مشروع الملعب الرياضي، وبدأت الأعمال بالفعل في أكتوبر عام 1921.

بالطبع لم تكف التبرعات لاستكمال الإستاد، فاقترحت اللجنة بعمل مسابقة لليانصيب لجمع التبرعات، ليكتمل إنشاء الملعب عام 1928، وبتكلفة وصلت إلى 130 ألف جنيه، بمساحة تصل إلى 50 ألف متر مربع، وبذلك يتسع لـ20 ألف مشجع، افتتح الاستاد الذي كان يحمل إسم “ميدان الرياضة البدنية” عام 1929، بمباراة بين الاتحاد السكندري ونادي القاهرة، حضرها الملك فؤاد الأول، وكانت تلك المباراة الأولي في العالم التي تقام ليلا دون إنارة للملعب، وسكت ميدالية تذكارية للافتتاح، نقش على أحد جانبيها وجه الملك فؤاد، وعلى الجانب الآخر بوابة الماراثون.

استخدم المهندس نيكوزوف الطراز اليوناني الروماني في زخرفة جميع مباني الملعب، لأنه الطراز الوحيد الذي يلائم تاريخ الملاعب الرياضية، خاصة وأن ملعب الإسكندرية بني في مكان الإستاد البطلمي، كما استخدم الخرسانة المسلحة والحجارة في إنشاؤه، يوجد بالإستاد 10 بوابات، أهمهم البوابة رقم 6 وهي البوابة الرئيسية التي يطلق عليها بوابة الماراثون، لأنها نسخة كاملة من بوابة الماراثون التذكارية التي توجد في إستاد لوس أنجلوس، حيث بنيت على شكل أقواس النصر الرومانية.

يحتوي الإستاد على ميدان واسع تحيط به المدرجات من كل الجوانب، خصصت للطبقة الأولى والثانية، تبلغ مقاعدها 10 آلاف مقعد، أما الدرجة الثالثة فبها 4 آلاف مقعد، كما كان يوجد مكان مخصص للصحفيين بجانب المقصورة الملكية التي توسطت المدرجات، يحمل مدخل المقصورة إفريزا نقش عليه الشعار الأوليمبي باللغة اللاتينية، بينما تتكون المقصورة من دورين، الأول خُصص للملك وضيوفه، والثاني خُصص للملكة وضيفاتها، كما يوجد بها جناحان، أحدهما خُصص لأعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية واللجنة الأوليمبية المصرية وأعضاء الاتحادات الرياضية، والآخر خُصص للوزراء وأعضاء مجلس البلدية والنبلاء والقضاة.

ويعد استاد الاسكندرية من الاستادات النادرة والقليلة التي تحتوى على مقصورة تسمى «المقصورة الملكية» وهي معدة لاستقبال الملك وتحتوي علي مكان للرجال وآخر للملكة والاميرات، وصممت على الطراز الفرنسي وبها العديد من الزخارف المتميزة من بينها الهلال والنجمة وهم رمز العلم المصري في الفترة الملكية.

وهو الاستاد الوحيد بالعالم الذي يضم بين جنباته آثر من القرن الرابع عشر.

حيث يعتبر مدخل الركن الجنوبي الغربي للإستاد أهم ما يميزه، باعتباره جزء من سور الإسكندرية القديم، وكان أحد الأبواب التي فر منها أهالي الإسكندرية عندما اقتحم القبارصة أسوار المدينة عام 1365، ولقد قرر المهندس نيكوزوف ضمه إلى سور الإستاد، لإضفاء قيمة حضارية له، بمجرد أن تعبر ذلك المدخل تجد ردهة مستطيلة مغطاة بسقف ذو أقبية متقاطعة، عندما تجتازها تصل غرفة مستطيلة ذات سقف مقبي، ومنها تصل إلى ردهة مستطيلة أخرى ذات سقف مقبي

مشاركة :

اخبار رائجة